الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.تحديد سن الزواج لمباشرة عقد الزواج رسميا: نصت الفقرة الثانية من المادة 366 من لائحة الاجراءات على أنه لا يجوز مباشرة عقد الزواج، ولا المصادقة على زواج مسند الى ما قبل العمل بهذا القانون، ما لم تكن سن الزوجة ست عشرة سنة، وسن الزواج ثماني عشرة وقت العقد.ومما جاء في المذكرة الايضاحية بشأن هذه الفقرة: أن عقد الزواج له من الاهمية في الحالة الاجتماعية منزلة عظمي من جهة سعادة المعيشة المنزلية أو شقائها، والعناية بالنسل أو اهماله.وقد تطورت الحال بحيث أصبحت تتطلب المعيشة المنزلية استعدادا كبيرا لحسن القيام بها ولا تستأهل الزوجة والزوج لذلك غالبا قبل سن الرشد المالي.غير أنه لما كانت بنية الأنثى تستحكم وتقوى قبل استحكام بنية الصبي، كان من المناسب أن يكون سن الزواج للفتى ثماني عشرة، وللفتاة ست عشرة.فلهذه الاغراض الاجتماعية حدد الشارع المصري سن الزواج لمباشرة العقد رسميا، كما حدد سنا لسماع دعوى الزوجية قانونا.وصيانة لقانون تحديد السن لمباشرة العقد صدر قانون رقم 44 من السنة 1933 ونص المادة الثانية منه ما يأتي: مادة - يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على مائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة - بقصد اثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج - أقوالا يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر، أو قدم لها أوراقا كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الاقوال، أو الاوراق.ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد عن مائتي جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون..المحرمات من النساء: ليست كل امرأة صالحة للعقد عليها، بل يشترط في المرأة التي يراد العقد عليها أن تكون غير محرمة على من يريد التزوج بها، سواء أكان هذا التحريم مؤبدا أم مؤقتا.والتحريم المؤبد يمنع المرأة أن تكون زوجة للرجل في جميع الاوقات.والتحريم المؤقت يمنع المرأة من التزوج بها مادامت على حالة خاصة قائمة بها، فان تغير الحال وزال التحريم الوقتي صارت حلالا.وأسباب التحريم المؤبدة هي:1- النسب.2- المصاهرة.3- الرضاع.وهي المذكورة في قول الله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف}.والمؤقتة تنحصر في أنواع.وهذا بيان كل منها:.المحرمات من النسب: هن:1- الأمهات.2- البنات.3- الاخوات.4- العمات.5- الخالات.6- بنات الاخ.7- بنات الاخت.والأم اسم لكل أنثى لها عليك ولادة.فيدخل في ذلك الأم، وأمهاتها، وجداتها، وأم الاب، وجداته، وإن علون.البنت اسم لكل أنثى لك عليها ولادة، أو كل أنثى يرجع نسبها اليك بالولادة بدرجة أو درجات.فيدخل في ذلك بنت الصلب وبناتها.والاخت: اسم لكل أنثى جاورتك في أصليك أو في أحدهما.والعمة: اسم لكل أنثى شاركت أباك أو جدك في أصليه.أو في احدهما.وقد تكون العمة من جهة الأم، وهي أخت أبي أمك.والخالة: اسم لكل أنثى شاركت أمك في أصليها أو في أحدهما.وقد تكون من جهة الاب.وهي أخت أم أبيك.وبنت الخ: اسم لكل أنثى لاخيك عليها ولادة بواسطة أو مباشرة، وكذلك بنت الاخت..المحرمات بسبب المصاهرة: المحرمات بسبب المصاهرة هن:1- أم زوجته، وأم أمها، وأم أبيها، وان علت.لقول الله تعالى {وأمهات نسائكم}.ولا يشترط في تحريمها الدخول بها، بل مجرد العقد عليها يحرمها.2- وابنة زوجته التي دخل بها.ويدخل في ذلك بنات بناتها، وبنات أبنائها، وان نزلن، لأنهن من بناتها لقول الله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم}.والربائب: جمع ربيبة، وربيب الرجل ولد امرأته من غيره.سمي ربيبا له، لأنه يربه كما يرب ولده أي يسوسه.وقوله: {اللاتي في حجوركم} وصف لبيان الشأن الغالب في الربيبة، وهو أن تكون في حجر زوج أمها، وليس قيدا.وعند الظاهرية أنه قيد، وأن الرجل لا تحرم عليه ربيبته - أي ابنة امرأته - إذا لم تكن في حجره.وروي هذا عن بعض الصحابة.فعن مالك بن أوس قال: كان عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت لي.فوجدت فلقيني علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: مالك؟ فقلت: توفيت المرأة.فقال: ألها بنت؟ قلت: نعم، وهي بالطائف قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا قال: انكحها.قلت: فأين قول الله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم}؟! قال: انها لم تكن في حجرك، انما ذلك إذا كانت في حجرك.ورد جمهور العلماء هذا الرأي وقالوا: أن حديث علي هذا لا يثبت، لأن رواية ابراهيم بن عبيد، عن مالك بن أوس، عن علي رضي الله عنه. وابراهيم هذا لا يعرف، وأكثر أهل العلم قد تلقوه بالدفع والخلاف.3- زوجة الابن، وابن ابنه، وابن بنته وان نزل لقول الله تعالى: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم}.و الحلائل جمع حليلة، وهي الزوجة، والزوج حليل.4- زوجة الاب: يحرم على الابن التزوج بحليلة أبيه، بمجرد عقد الاب عليها، ولم يدخل بها.وكان هذا النوع من الزواج فاشيا في الجاهلية، وكانوا يسمونه زواج المقت وسمي الولد منها مقيتا، أو مقتيا، وقد نهى الله عنه وذمه ونفر منه.قال الإمام الرازي: مراتب القبح ثلاث: القبح العقلي، والقبح الشرعي، والقبح العادي.وقد وصف الله هذا النكاح بكل ذلك، فقوله سبحانه: {فاحشة} إشارة الى مرتبة قبحه العقلي، وقوله تعالى: {ومقتا} إشارة الى مرتبة قبحه الشرعي، وقوله تعالى: {وساء سبيلا} اشارة الى مرتبة قبحه العادي.وقد روى ابن سعد عن محمد بن كعب سبب نزول هذه الآية، قال: كان الرجل إذا توفي عن امرأته، كان ابنه أحق بها أن ينكحها أن شاء، أن لم تكن أمه، أو ينكحها من شاء.فلما مات أبو قيس بن الاسلت قام ابنه محصن فورث نكاح امرأته ولم ينفق عليها ولم يورثها من المال شيئا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «ارجعي لعل الله ينزل فيك شيئا» فنزلت الآية: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا}.ويرى الأحناف أن من زنى بامرأة، أو لمسها، أو قبلها، أو نظر الى فرجها بشهوة، حرم عليه أصولها وفروعها، وتحرم هي على أصوله وفروعه إذ أن حرمة المصاهرة تثبت عندهم بالزنا، ومثله مقدماته ودواعيه، قالوا: ولو زنا الرجل بأم زوجته، أو بنتها حرمت عليه حرمة مؤبدة.ويرى جمهور العلماء أن الزنا لا تثبت به حرمة المصاهرة، واستدلوا على هذا بما يأتي:1- قول الله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} فهذا بيان عما يحل من النساء بعد بيان ما حرم منهن، ولم يذكر أن الزنا من أسباب التحريم.2- روت عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل زنى بامرأة.فأراد أن يتزوجها أو ابنتها. فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يحرم الحرام الحلال، إنما يحرم ما كان بنكاح» رواه ابن ماجه عن ابن عمر.3- أن ما ذكروه من الاحكام في ذلك هو مما تمس إليه الحاجة، وتعم به البلوى أحيانا، وما كان الشارع ليسكت عنه، فلا ينزل به قرآن، ولا تمضي به سنة، ولا يصح فيه خبر، ولا أثر عن الصحابة، وقد كانوا قريبي عهد بالجاهلية التي كان الزنا فيها فاشيا بينهم.فلو فهم أحد منهم أن لذلك مدركا في الشرع أو تدل عليه علة وحكمة لسألوا عن ذلك، وتوفرت الدواعي على نقل ما يفتنون به.4- ولأنه معنى لا تصير به المرأة فراشا، فلم يتعلق به تحريم المصاهرة، كالمباشرة بغير شهوة..المحرمات بسبب الرضاع: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، والذي يحرم من النسب: الأم، والبنت، والاخت، والعمة، والخالة، وبنات الاخ، وبنات الاخت.وهي التي بينها الله تعالى في قوله: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}.وعلى هذا، فتنزل المرضعة منزلة الأم، وتحرم على المرضع، هي وكل من يحرم على الابن من قبل أم النسب فتحرم:1- المرأة المرضعة، لأنها بارضاعها تعد أما للرضيع.2- أم المرضعة، لأنها جدة له.3- أم زوج المرضعة - صاحب اللبن - لأنها جدة كذلك.4- أخت الأم، لأنها خالة الرضيع.5- أخت زوجها - صاحب اللبن - لأنها عمته.6- بنات بنيها وبناتها، لأنهن بنات اخوته وأخواته.7- الاخت، سواء أكانت أختا لأب وأم.أو أختا لأم، أو أختا لأب..الرضاع الذي يثبت به التحريم: الظاهر أن الأرضاع الذي يثبت به التحريم، هو مطلق الأرضاع.ولا يتحقق إلا برضعة كاملة، وهي أن يأخذ الصبي الثدي ويمتص اللبن منه، ولا يتركه إلا طائعا من غير عارض يعرض له، فلو مص مصة أو مصتين، فان ذلك لا يحرم لأنه دون الرضعة، ولا يؤثر في الغذاء.قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحرم المصة ولا المصتان» رواه الجماعة إلا البخاري.والمصة هي الواحدة من المص.وهو أخذ اليسير من الشئ، يقال أمصه ومصصته، أي شربته شربا رقيقا. هذا هو الأمر الذي يبدو لنا راجحا.وللعلماء في هذه المسألة عدة آراء نجملها فيما يأتي:1- أن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم أخذا بإطلاق الأرضاع في الآية.ولما رواه البخاري، ومسلم، عن عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فجرت أمة سوداء فقالت: «قد أرضعتكما».فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك فقال: «وكيف، وقد قيل؟ دعها عنك».فترك الرسول صلى الله عليه وسلم السؤال عن عدد الرضعات، وأمره بتركها دليل على أنه لا اعتبار إلا بالأرضاع، فحيث وجد اسمه وجد حكمه.ولأنه فعل يتعلق به التحريم، فيستوي قليله وكثيره، كالوطء الموجب له.ولان إنشاز العظم، وإنبات اللحم، يحصل بقليله وكثيره.وهذا مذهب علي، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري والزهري وقتادة وحماد والاوزاعي والثوري وأبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد.2- أن التحريم لا يثبت بأقل من خمس رضعات متفرقات.لما رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي، عن عائشة قالت: «كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهن فيما يقرأ من القرآن».وهذا تقييد لاطلاق الكتاب والسنة، وتقييد المطلق بيان، لانسخ ولا تخصيص.ولو لم يعترض على هذا الرأي، بأن القرآن لا يثبت الا متواترا، وأنه لو كان كما قالت عائشة لما خفي على المخالفين.ولاسيما الإمام علي وابن عباس، نقول: لو لم يوجه إلى هذا الرأي هذه الاعتراضات لكان أقوى الاراء، ولهذا عدل الإمام البخاري عن هذه الرواية.وهذا مذهب عبد الله بن مسعود، وإحدى الروايات عن عائشة، وعبد الله بن الزبير، وعطاء، وطاووس، والشافعي، وأحمد في ظاهر مذهبه، وابن حزم، وأكثر أهل الحديث.3- أن التحريم يثبت بثلاث رضعات فأكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحرم المصة ولا المصتان».وهذا صريح في نفي التحريم بما دون الثلاث، فيكون التحريم منحصرا فيما زاد عليهما.وإلى هذا ذهب أبو عبيد، وأبو ثور، وداود الظاهري، وابن المنذر، ورواية عن أحمد.
|